قال صندوق النقد الدولي في بيان موافقته على صرف الشريحة الثالثة من قرض الصندوق البالغة 820 مليون دولار، إن المهم على مصر الاستمرار في سياستها الإصلاحية الهيكلية.
وحمل البيان تلميحات لبعض الأمور للمصريين، إذ أكد البيان على ضرورة الاستمرار في الإصلاحات الضريبية لزيادة الإيرادات وهو ما يحمل أحد وجهين، الأول زيادة القاعدة الضريبية من الممولين، والثاني مرتبط بزيادة الضرائب لتمويل العجز، وقد يكون الحل بالتحرك في المسارين معاً.
يذكر أن الصندوق أكد في بيانه على ضرورة رفع الإنفاق على الصحة والتعليم. وضرورة النزول بالدين العام من حصيلة تخارج الدولة لزيادة مساهمة الإنفاق الأكثر إنتاجية، بما في ذلك الإنفاق الاجتماعي المستهدف الإضافي.
ولكن من ناحية أخرى، دعا الصندوق إلى ضرورة استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكاليف، بما في ذلك أسعار الطاقة بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025. ويشمل هذا أسعار المحروقات والكهرباء. ووفقاً لصندوق النقد فإن هذا ضروري لدعم التوفير السلس للطاقة للسكان والحد من الاختلالات في القطاع.
انتهجت مصر سياسة تخفيف أحمال الكهرباء لمواجهة زيادة الطلب ونقص في إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء لأكثر من عام. وشهدت زيادة كبيرة في مديونيات وزارة الكهرباء لوزارة البترول المصرية بسبب فارق الدعم في الأسعار.
فاتورة دعم قياسية وجب التخلص منها
وقبل بيان صندوق النقد الدولي؛ كشف رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي، الأربعاء الماضي، خلال مؤتمر صحافي، أن حكومته بصدد رفع أسعار الخدمات البترولية حتى ديسمبر من العام المقبل، مشيرا إلى أن هذا الإجراء سيكون تدريجيا حتى لا يؤثر على معدلات التضخم.
وقالت مصادر بالهيئة المصرية العامة للبترول،، إن دعم السولار والبنزين يصل لنحو 490 مليون جنيه يومياً، إذ تخصص الدولة يومياً 400 مليون جنيه لدعم السولار و90 مليون جنيه لدعم البنزين. وهذه الأرقام قبل الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات.
وأكدت المصادر أن الحكومة المصرية تسعى إلى تضييق الفجوة بين سعر بيع المحروقات وأسعار التكلفة بالتي ارتفعت شكل كبير الفترة الماضية تأثراً بالأحداث العالمية والإقليمية، والتي كان له تأثير على أسعار النفط وكذلك أسعار الصرف والتي أدت إلى مضاعفة أسعار التكلفة النهائية للمنتجات البترولية.
“وتستورد مصر ما بين 30% إلى 35% من احتياجاتها من السولار، و25% من البنزين، في حين تستهلك يوميا 45 مليون لتر سولار و28 مليون لتر بنزين بأنواعه”، وفق المصادر.
بحسب المصادر هناك فجوة سعرية كبيرة بين تكلفة إنتاج الوقود وسعره المحلي، موضحة أن تكلفة لتر السولار تبلغ 19 جنيها، في حين كان يباع قبل الزيادة الأخيرة بنحو 10 جنيهات، وحالياً بنحو 11.5 جنيه.
ووفقاً للمصادر. فإن سعر بيع السولار أقل بنحو 7.5 جنيهات عن التكلفة. وخلال الفترة الحالية وحتى ديسمبر 2025، من المقرر أن تنعقد لجنة تحديد أسعار المحروقات 6 مرات، ما قد يعني زيادة بنحو 1.25 جنيه لكل لتر في كل اجتماع حال التزمت الحكومة بالخطة الموضوعة مع صندوق النقد.
من جانبه، قال اامصدر: “الخيارات صعبة، ولكن السيناريو الأقرب هو التزام الحكومة ببرنامجها الإصلاحي مع صندوق النقد”. وأضاف “الطبقة المتوسطة ستتحمل التكلفة الأكبر للإصلاحات، وستتعرض لانكماش أكبر، خاصةً وأن الهدف من القرارات هو تحويل الدعم من الطبقات الغنية لدعم الطبقات الأكثر احتياجاً بشكل نقدي، فيما سيكون توجيه الدعم للطبقة المتوسطة متوقف على الحفاظ على سياسة متشددة في أسعار الفائدة لدعم مدخراتهم”.
وتوقع الانتقال عبر موجات تضخمية متلاحقة خلال الأرباع التالية، وتتوقف شدتها على مدى تأثر سعر صرف الجنيه، وحجم التدفقات الاستثمارية.
وقررت لجنة تسعير المنتجات البترولية في مصر، تحريك سعر البنزين بأنواعه والسولار، اعتباراً من الخميس الماضي. حيث قررت اللجنة رفع سعر لتر بنزين 80 من 11 جنيهاً إلى 12.25 جنيه، بزيادة 1.25 جنيه. كما تقرر رفع سعر لتر بنزين 92 من 12.5 جنيه إلى 13.75 جنيه، بزيادة 1.25 جنيه.
وتقرر رفع سعر لتر بنزين 95 من 13.5 جنيه إلى 15 جنيهاً، بزيادة 1.5 جنيه. وأيضا تقرر زيادة سعر لتر السولار من 10 جنيهات إلى 11.5 جنيه، بزيادة 1.5 جنيه. كما تقرر رفع سعر لتر الكيروسين من 10 جنيها إلى 11.5 جنيهات، بزيادة 1.5 جنيه.
مخصصات الدعم بموازنة 2024-2025
وبحسب الموازنة العامة المصرية لعام 2024-2025 فإن مخصصات دعم المواد البترولية خلال العام المالي الحالي 154.5مليار جنيه مقارنة بـ 119.4 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي بنسبة زيادة 29.4%.
وفي مداخلة هاتفية ببرنامج “90 دقيقة”، في 30 مايو الماضي، أوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري المستشار محمد الحمصاني، حقيقة إلغاء الدعم السلعي وتحويله إلى نقدي، مشيرا إلى أن الدولة وضعت خطة لرفع الدعم عن الوقود والمواد البترولية تدريجيا على مدى سنة ونصف، أي بنهاية 2025، وأن “السولار” سيكون خارج خطة إلغاء الدعم النهائي.
زيادات مرجحة في الكهرباء
“يتحمل قطاع البترول فارق تكلفة توفير الوقود لقطاع الكهرباء بقيمة نحو 240 مليار جنيه سنويا” بحسب وزير البترول المصري السابق طارق الملا. وتأتي هذه التكلفة نتيجة عوامل عدة في مقدمتها تحمل قطاع البترول ما بين 70 و80 مليار جنيه فرق تكلفة عن الغاز الطبيعي المورد إلى محطات الكهرباء بأقل من تكلفته الفعلية، علاوة على نحو 40 إلى 45 مليار جنيه فرق تكلفة في كميات المازوت التي تباع أيضا بأقل من تكلفتها الفعلية.
وتستهلك البلاد سنوياً من إمدادات الوقود بما يعادل 55 مليار دولار يوفرها قطاع البترول بتكلفة فعلية تتراوح بين 20-22 مليار دولار، وتمثل تكاليف الشركات العالمية التي تنفقها في استخراج وإنتاج البترول والغاز علاوة على فاتورة الاستيراد التي تتراوح بين 10و12 مليار دولار سنويا.
وكشف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي في 27 مايو الماضي، أن تكلفة إنتاج الكيلو وات ساعة يكلف الدولة 223 قرشا، وأن الدولة تتحمل ضغط لتلبية احتياجات الزيادة السكانية المتزايدة.
مادة إعلانية