أخبار العالم

ماذا وراء يد قطر السخية في أنقرة؟

ماذا وراء يد قطر السخية في أنقرة؟

لاشك أن الدولة الخليجية الصغيرة قطر هي صديقة تركيا المقربة، فأول شخص يتصل بالهاتف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كلما كان مضطربًا من أجل المال هو أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.

دوافع مجهولة

وأكدت صحيفة أحوال التركية، في تقرير لها، أن دولة قطر الصغيرة، التي يبلغ عدد مواطنيها 300 ألف نسمة، سارعت إلى مساعدة تركيا القوية البالغ عدد سكانها 82 مليون نسمة في أعقاب أزمة فيروس كورونا المستجد، عندما انحدرت احتياطيات البنك المركزي التركي. وعرضت الدولة الغنية بالغاز دعم البنك المركزي التركي من خلال زيادة ثلاثة أضعاف اتفاقية مبادلة العملات إلى 15 مليار دولار. وتشكل الـ15 مليار دولار من احتياطيات المقايضة في البنك المركزي البالغة قيمتها 38 مليار دولار تقريبًا الآن من الريالات المشتراة من قطر.

ومن غير المعروف ما إذا كانت الدولة الخليجية تفعل ذلك بدافع الامتنان، لأن أنقرة سارعت إلى مساعدتها خلال الأزمة الدبلوماسية عام 2017 بين قطر ودول الخليج الأخرى، ولكن يبدو أنه لا يوجد حد لعدد الشركات والممتلكات التي يتم بيعها لقطر – مقابل لا شيء تقريبًا.

استحواذ على مصنع دبابات

واستحوذ القطريون على مصنع دبابات قيمته مليار دولار مقابل 50 مليون دولار، بعد أن أصبحوا المالكين لنصف شركة (بي إم سي)، وهي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للسيارات التجارية والعسكرية في تركيا. النصف الآخر للشركة يمتلكه رجل أعمال له علاقات وثيقة مع أردوغان، يدعى إيثيم سانجاك.

كما استحوذ القطريون على أكبر شركة تليفزيونية بالاشتراك في تركيا، المسماة (ديجي ترك)، وأصبحوا شركاء في مجموعة (صباح اي تي في الإعلامية)، واستحوذوا على حصة أغلبية من أسهم شركة الدواجن (بانفيت) ومتجر (بيمين) المتطور. أضف إلى ذلك: القصور المنتشرة في مضيق البوسفور الشهير في إسطنبول، والفنادق في منتجع مارماريس الساحلي، وهضبة سورمين في منطقة شمال البحر الأسود، لكن أكبر استثمار للقطريين كان طائرة بقيمة 400 مليون دولار، قدمها أمير قطر إلى أردوغان في 2018، بالإضافة إلى تسمية حصان سباقات – قيمته ملايين الدولارات – أردوغان.

قطريين في كل مكان بتركيا

أينما توجد قطعة أرض قيّمة في تركيا، ستجد هناك قطريين. حيث يتم تحويل بعض منازل السليمانية الخشبية التاريخية في إسطنبول – وهي جزء من موقع تراث عالمي لليونسكو – إلى وحدات سكنية حديثة، ويترأس التحول العمراني الذي يمتد على مساحة 102 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 700 منزل، كلا من شركة كوزو كونستركشن المقربة من أردوغان وشركة الديار القطرية. كما وقعت الشركتان أسماءهما على استثمارات مثيرة للجدل على طول حي أتاكوي الراقي في إسطنبول.

قطعة أرض مساحتها 44 فدانًا اشترتها والدة أمير قطر، الشيخة موزة بنت ناصر، من خلال مشروع قناة اسطنبول المائية، حتى قبل الإعلان عن مسار المشروع، مما أثار الدهشة بين الجمهور التركي، وكُشف لاحقًا أن المديرية العامة لتسجيل الأراضي والسجل العقاري التابعة لوزارة البيئة والتخطيط العمراني في تركي، نشرت إشعارًا لمنع الوصول إلى معلومات سندات ملكية البلدية، فور ظهور تقارير الشراء.

تناقض أخلاقي

وفي مقال نُشر الشهر الماضي، سأل كاتب عمود في صحيفة (سوزجو) اليومية التركية، مراد مراد أوغلو ما الذي تعد به تركيا قطر مقابل كل هذه الخدمات، بما في ذلك صفقة التبادل الموقعة حديثًا، وكتب مراد أوغلو : “هل هي قناة اسطنبول كلها؟ هل هو صندوق الثروة التركية، الذي تحاط تحركاته بالغموض؟ أم (بنك فاكيف) المملوك للدولة التركية، وخامس أكبر بنك في تركيا؟ أم شركة خط أنابيب البترول (بوتاش) ؟ أم الخطوط الجوية التركية؟.

هناك تناقض أخلاقي مستمر واضح في العلاقات التجارية بين البلدين. فعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادات غير طبيعية في محافظ الشركات القطرية في سوق الأسهم التركية. حيث قفزت المحفظة التي تبلغ قيمتها ست شركات قطرية من 16 مليار ليرة تركية (2.3 مليار دولار) في نهاية يونيو 2019 إلى ما يقرب من 59 مليار ليرة بحلول نهاية العام.

أموال لم تصل

ويقول الخبراء أن بنك (فينانز كيو أن بي) التركي قد يفتح مناقصة عامة ثانية أو يرفع اسمه من سوق الأسهم في الأيام المقبلة. كما هو الحال الآن، فإن القطريين هم أكبر المستثمرين الأجانب في بورصة إسطنبول.

وبعد محاولة الانقلاب المزعومة في يوليو 2016 للإطاحة بحكومة أردوغان، نشرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية تقارير دعائية تقول إن قطر ودول الخليج الأخرى ستوجه استثمارات كبيرة إلى تركيا. وذكرت التقارير أن المستثمرين القطريين والسعوديين سيقومون باستثمارات بقيمة 250 مليار دولار، بالإضافة إلى إرسال أموال لتركيا في الأشهر الستة التالية للانقلاب الفاشل لزيادة الفائدة أو مكاسب رأس المال.. لكن هذه الأموال لم تصل أبدًا.

دعم القطريين لمشاريع تركية

ولا توجد حتى الآن أي أخبار عن الاستثمار الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار، الذي أعلنت قطر أنها ستقوم به في تركيا، بعد الأزمة مع الولايات المتحدة في عام 2018 بشأن القس الأمريكي المسجون في تركيا أندرو برونسون. ربما وصلت هذه الأموال، ولكنها دخلت جيوب أو خزائن بعض الشخصيات.

وحتى قبل ذلك، كانت هناك تقارير في وسائل الإعلام التركية حول دعم القطريين لمشاريع في تركيا، بما في ذلك تقرير عن استثمار شركة (نبراس للطاقة) الممولة من قطر بقيمة 14 مليار دولار في محطة أفشين إلبيشتان للطاقة الحرارية في محافظة كهرمان مرعش في جنوب تركيا. ومن المتوقع أن يكتمل المشروع المكون من ثلاث مراحل، والذي سينتج عنه مصنع بقدرة 4500 ميجاوات، خلال العقد المقبل. ولكن لاتوجد هناك أي تطورات في هذا المشروع حتى هذه اللحظة.

زيارات متبادلة

وفي غضون ذلك، تتواصل الحركة بين تركيا وقطر، وسافر أردوغان وعائلته إلى قطر 56 مرة خلال السنوات الـ12 الماضية، بينما زار أمير قطر وحاشيته تركيا 45 مرة، وفقا لما ذكر الصحفي التركي توفان تورنش في تغريدة تعود إلى مارس 2015، متسائلا: “ماذا وراء هذه المودة؟”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى