باحث مصري يطور روبوتاً خارقاً مستوحى من “فرقع لوز”
باحث مصري يطور روبوتاً خارقاً مستوحى من "فرقع لوز"
ألهمت “خنفساء فرقع لوز” باحثاً مصرياً مع فريقه في جامعة إلينوي في إربانا-شامبين، للعمل على تطوير روبوت خارق.
ومن المعروف عن “خنفساء فرقع لوز” أنها تستخدم حيلة التظاهر بالموت للدفاع عن نفسها، فهي تسقط على الأرض وتظل مستلقية على ظهرها بلا حراك لعدة ثواني، وفجأة تثب وثبة سريعة عالية في الهواء، في محاولة للابتعاد عن الخطر.
ومن هذه الحيلة استوحى الباحث المصري، سامح توفيق رفقة زملائه في جامعة إلينوي في إربانا-شامبين، فكرة تطوير روبوتات وثب بحجم الحشرات، قادرة على أداء مهام دقيقة في عمليات الزراعة أو العمليات الميكانيكية وكذلك في مهمات الإنقاذ.
وفي الدراسة التي نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، يوم الاثنين، بقيادة أستاذ العلوم الميكانيكية والهندسة، سامح توفيق، أوضح الباحثون أنّ الروبوتات الجديدة لديها ثلاث ميزات:
-حجم صغير كالخنفساء يناسب العمل في المساحات الضيقة.
-قوية بما يكفي للمناورة وتحمل الضغوط والأوزان.
-سريعة كما لو كانت حشرة بمقدورها الهرب سريعاً.
ويقول سامح توفيق، أستاذ العلوم الميكانيكية والهندسة، بجامعة إلينوي في إربانا-شامبين، وفق موقع سكاي نيوز عربية، إنّ الدراسة تركّز على فهم القوى والحركات التي تؤدي إلى الوثب العالي للروبوتات الصغيرة خفيفة الوزن.
ويضيف: “كشفت الدراسة أنه باستخدام آلية خاصة، تُسمى “سلسلة الانحناء الديناميكي”، يمكننا صنع روبوتات بحجم الحشرات، بإمكانها الوثب – على الأقل – مثل الحشرات الطبيعية، وحتى روبوتات الوثب كبيرة الحجم”.
يشار إلى أن ثمة روبوتات عديدة لديها القدرة على الوثب، لكنها كبيرة الحجم، ولديها إمكانيات كبيرة، مثل الروبوت الوثاب الذي تم تطويره في أبريل من العام الماضي، ويبلغ ارتفاعه أقل من 30 سنتيمتراً ويزن نحو 30 غراماً، ويستطيع إطلاق نفسه ذاتياً 33 مترًا في الهواء.
هنا يوضح توفيق أنّ روبوتات الوثب الكبيرة التي تستخدم أفضل المكونات الهندسية (المحركات والبطاريات) وأفضل المواد الهندسية (مركبات الصلب وألياف الكربون) يمكنها تحقيق قفزات مذهلة على نطاق هذه المكونات.
ويقول: “من هذا المنطلق، فإن التحدي الذي تناولته في دراستي هو كيفية تصغير الروبوتات إلى حجم الحشرات، مع الحفاظ على القدرات التي تم تحقيقها في الروبوتات الكبيرة”.
ففي العقد الماضي، ظهرت حاجة ملحة إلى الاهتمام باستخدام الروبوتات خارج إطار المصانع، إذ كان يتم استخدامها بشكل رئيسي في عمليات التجميع في المصانع الحديثة، مثل تجميع السيارات.
وبرزت الحاجة إلى عدم اقتصار دور الروبوتات على هذه المهمة، واستخدامها بدلاً من ذلك في جميع أنواع التطبيقات؛ ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن يصبح لدى الروبوتات القدرة على التنقل بأمان وحرية واستقلال بحسب ما ذكره توفيق .
ويتابع: “تمتد هذه التطبيقات الجديدة من الرعاية الصحية إلى الزراعة والصيانة والبحث والإنقاذ. لتحقيق هذا الهدف، ثمة حاجة إلى بحث أساسي لتطوير أنواع جديدة من الروبوتات المتنقلة مثل: الروبوتات المرنة التي تسبح في المحيط مثل الأخطبوط، والروبوتات في حجم الحشرات التي يمكنها التنقل في المساحات الضيقة، وبين أجزاء المحركات والتوربينات، والتقاط صور للأعطال، وقياس درجات الحرارة، ومن ثم الإبلاغ عن هذه الأعطال”.
يطلق توفيق العنان للخيال، فيقول: “تخيل أنه يمكن نشر أسراب من الروبوتات على نطاق واسع في الحقول الزراعية، والوثب بين النباتات والأوراق والفواكه، وفحص حالة المحاصيل والإبلاغ عنها باستمرار!”
معضلة
وثمة معضلة أساسية تواجه روبوتات الوثب الصغيرة، يشير إليها أستاذ العلوم الميكانيكية والهندسة، وهي مشكلة التنقل، إذ إن المخلوقات بحجم الحشرات لديها قدرة محدودة على الحركة، خاصة عندما تحمل أشياء ثقيلة، كون أرجلها قصيرة.
يوضح: “يمكن لمعظم الحشرات التسلق على الجدران والأسطح الرأسية، في حالة أنها لا تحمل أشياءً، لكن إذا كانت تحمل شيئاً ثقيلاً، فإن أي عائق سيجبرها على التوقف. هذا هو السبب في أن العديد من الحشرات يمكنها الوثب كوسيلة للتنقل، وتسلق العوائق الأكبر من طول أجسامها”.
يشرح العالم المصري: “قام المؤلفون المشاركون في هذه الدراسة الجديدة، بالتحقيق في آلية وثب الحشرات الصغيرة. وبالتحديد، قاموا بدراسة “خنفساء فرقع لوز”، واكتشفوا أنها تستطيع تخزين الطاقة المرنة، واستخدامها عند الحاجة إليها من طريق تشغيل مزلاج”.
ويردف: “لقد اتخذنا نهجاً مشابهاً لتصميم روبوتات الوثب، حيث استخدمنا مبادئ الميكانيكا والمواد الجديدة التي تم إنتاجها في مختبري البحثي، والتي تعمل مثل العضلات الطبيعية. تبدو هذه العضلات الاصطناعية مثل لفائف، ويمكن أن تنقبض لسحب قوى كبيرة. في هذه الحالة، يكون الهدف تخزين الطاقة في زنبرك، والتي يمكن بعد ذلك إطلاقها للحث على الوثبات العالية”.
كشف الباحثون في مختبر الدكتور سامح توفيق إمكانات جديدة يمكن تزويد روبوتات الوثب الصغيرة بها، إذ يمكن تركيب جهاز استشعار على هذه الروبوتات، ووحدة تحكم دقيقة وبطارية. يمكن للروبوتات الوثب وتحمل كل الوزن الإضافي، وهو أثقل من وزنها، إذ يستطيع الروبوت الوثبحتى 20 ضعف حجمه، كما تتمتع الروبوتات بذكاء لاستشعار مشغل ضوئي، وتلقي أوامر الوثب من حاسوب موجود على متن الطائرة.
مزيد من الدراسات
يقول العالم المصري إنه لا تزال ثمة حاجة لمعالجة عدد من التحديات، بمزيد من الدراسات البحثية الإضافية، مثل: معالجة كفاءة الطاقة العالية. في الوقت الحالي، يمكن لهذه الروبوتات الوثب عدة مرات فقط بشكل متكرر قبل نفاد البطارية؛ لأن البطاريات الصغيرة لا تتمتع بسعة كبيرة. لذا فثمة حاجة إلى بحث جديد لتطوير بطاريات جديدة أفضل، وتصميم أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة؛ للسماح بتشغيل الروبوتات لفترات طويلة.
يتابع: “ثمة تحدي آخر يتعلق بالاستخدام التجاري في تطبيقات محددة، على سبيل المثال، إذا أردنا استخدام الروبوت في مجال الزراعة الزراعة، نحتاج أولاً إلى تحديد تفاصيل احتياجات بعينها في الزراعة. يجب أن نتصور وظيفة هذه الروبوتات في هذه البيئة الجديدة وأن ندرسها بعناية”.
يبين: “في هذه الحالة، أتصور أن المهندسين سيحتاجون إلى تركيب كاميرا صغيرة وجهاز استشعار بيولوجي على متن الروبوتات. أتصور أيضاً أنه يجب على الباحثين الهندسيين الذين يرغبون في تطوير هذا الروبوت إلى منتج عملي، دراسة أفضل تقنيات ميكانيكا التنقل لتناسب هذه البيئة الجديدة؛ اعتماداً على حجم النباتات وشكلها وصلابتها”.
وعن إمكانية استخدام روبوت الوثب هذا في الشرق الأوسط، يشير توفيق ، إلى أن المؤسسات البحثية في هذه المنطقة يمكنها دراسة الاحتياجات العملية وتطوير الروبوت وفقاً لهذه الاحتياجات، إذ يمكن استخدامه على التمور فوق أشجار النخيل، كما يمكن استخدامه في الصناعات التحويلية أو صناعة الطاقة التي لديها احتياجات فريدة في الشرق الأوسط.