
في أكتوبر 2022، كانت القوات الأوكرانية تحقق تقدمًا ثابتًا في استعادة أراضيها من القوات الروسية، غير أن هذا التقدم المفاجئ سرعان ما توقف فجأة، حيث كانت العمليات العسكرية التي جارية على جبهتين، في الشرق والجنوب، وتوقفت في وقت واحد عندما أبلغت القوات الأوكرانية عن انهيار كارثي في أنظمة الاتصالات.
وأكدت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أنه أثناء تقدم الجنود الأوكرانيين داخل الخطوط الدفاعية الروسية وعبورهم إلى أراضٍ روسية، اكتشفوا فجأة أنهم فقدوا الاتصال بشبكة الإنترنت، وهي أداة حيوية لكل شيء من توجيه ضربات المدفعية إلى رصد الطائرات المسيّرة التابعة للعدو والتواصل بين الوحدات العسكرية، ودخلت العملية الهجومية في حالة من الفوضى، واضطرت القوات إلى التراجع.
إيلون ماسك وراء انهيار القوات الأوكرانية في الحرب مع روسيا
وتابعت أنه لم يمر وقت طويل قبل أن يدرك المسؤولون الأوكرانيون سبب المشكلة، لأن إيلون ماسك، الذي قدم خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك” للأوكرانيين بعد أن دمرت القوات الروسية شبكتهم المحلية، قرر فجأة قطع الخدمة.
وأضافت أن ماسك شعر بالإحباط من تقديم هذه الخدمة مجانًا، في وقت كانت تكلفته السنوية تُقدَّر بنحو 400 مليون دولار، ومع ذلك، تم حل “سوء الفهم” بسرعة بعد أن دفعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” مبلغًا كبيرًا لماسك مقابل استمرار الخدمة.
وتابعت أنه في نهاية الأسبوع الماضي، عاد الملياردير المثير للجدل إلى إثارة الجدل مجددًا بشأن “ستارلينك”، وذلك في مشادة كلامية غريبة مع وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي.
بدأت المشادة عندما تفاخر ماسك عبر منصة “X” بأن نظامه للأقمار الصناعية هو “العمود الفقري للجيش الأوكراني”، محذرًا من أن “الجبهة الأوكرانية بالكامل ستنهار” إذا قرر إيقاف تشغيل ستارلينك.
رد سيكورسكي قائلًا إن بلاده تدفع مقابل استخدام ستارلينك في أوكرانيا بمبلغ يصل إلى 50 مليون دولار سنويًا، وأضاف: “بعيدًا عن الجانب الأخلاقي المتمثل في تهديد ضحية عدوان، إذا ثبت أن شركة سبيس إكس غير موثوقة كمزوّد للخدمة، فسوف نضطر إلى البحث عن مزودين آخرين”.
وردًا على ذلك، تدخل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو متهمًا سيكورسكي بـ”اختلاق الأمور” قائلًا: “لم يهدد أحد بقطع خدمة ستارلينك عن أوكرانيا”.
ثم أضاف ساخرًا: “قل شكرًا، لأنه لولا ستارلينك، لكانت أوكرانيا قد خسرت هذه الحرب منذ وقت طويل، ولوجدنا الروس الآن على الحدود مع بولندا”.
رد ماسك بأسلوبه المعتاد، موجهًا كلامه إلى سيكورسكي: “اصمت أيها الرجل الصغير، أنت تدفع جزءًا ضئيلًا جدًا من التكلفة، ولا يوجد بديل لستارلينك”.
رغم هذه التصريحات، سرعان ما تراجع ماسك قليلًا، متعهدًا بأنه بغض النظر عن خلافاته مع القادة الأوكرانيين، “لن يتم إيقاف محطات ستارلينك أبدًا.
وأضافت الصحيفة البريطانية أنه رغم تصريحات ماسك، فإن ما حدث في الماضي غير ذلك، حيث سبق له قطع خدمة ستارلينك في عام 2022، كما أن التهديد بقطع الخدمة تكرر مؤخرًا.
وفي فبراير الماضي، أفادت وكالة “رويترز” الإخبارية الدولية، أن المفاوضين الأمريكيين، خلال محادثاتهم مع أوكرانيا بشأن الوصول إلى المعادن الحيوية الأوكرانية، “طرحوا إمكانية” قطع خدمة ستارلينك كوسيلة ضغط، وهي رواية نفى ماسك صحتها ووصفها بأنها “خاطئة”.
ومع ذلك، تؤكد هذه الأحداث على المخاطر التي تواجهها الدول الضعيفة عندما تعتمد بشكل كبير على خدمات يقدمها أشخاص غير منتخبين ولا يخضعون للمساءلة مثل ماسك.
تصرفات ماسك المتكررة تجاه أوكرانيا تمثل تحولًا كبيرًا في موقفه مقارنة بما كان عليه قبل ثلاث سنوات، عندما كان يُنظر إليه كـ”بطل” في كييف.