لماذا لم تستفد مصر من اتفاق السلام مع إسرائيل بقدر استفادة الإمارات؟
لماذا لم تستفد مصر من اتفاق السلام مع إسرائيل بقدر استفادة الإمارات؟
يبدو أن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل لتطبيع العلاقات بينهما، قد واجه عقبة بشأن مشتريات الأسلحة، حيث ترغب الإمارات بشراء طائرات “F-35” في مقابل السماح بالمضي قدما في الصفقة، فيما تسعى إسرائيل للحصول على أنظمة أسلحة أمريكية إضافية.
فإن كل هذا يبدو مألوفا جدا بالنظر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، والتي أثارت أسئلة كثيرة حول الأسلحة أيضا، والواقع أنها سمحت في النهاية بحصول مصر على الأسلحة والمساعدات العسكرية الأمريكية.
هناك عامل مشترك بين الاتفاقين؛ لقد خففا الضغط من أجل تحقيق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن الصدى بينهما لا ينتقل أبعد من ذلك بكثير.
بينما يؤدي التطبيع بين إسرائيل والإمارات إلى تجارة كبيرة بين البلدين، لم يكن هناك مثل هذا المكاسب المفاجئة لأول دولة عربية تعترف رسميا بإسرائيل.
بعد أربعة عقود من معاهدة السلام التاريخية، اقتصرت العلاقات الاقتصادية بين الجانبين بشكل أساسي على بعض صفقات الغاز الطبيعي البارزة والسياحة الإسرائيلية إلى مصر.
كان ذلك سببا في وصف العلاقات الإسرائيلية المصرية على أنها “سلام بارد” وليست صداقة حقيقية. يمكن إرجاع أسباب ذلك إلى المسارات التاريخية والدوافع التي أدت إلى معاهدة 1979.
بعد نحو 40 عاما من السلام، لا يزال الحجم السنوي للتجارة الإسرائيلية المصرية يقاس بمئات الملايين، باستثناء بعض الفترات التي شهدت صفقات في مجال الطاقة.
في حين تتوقع وزارة المالية الإسرائيلية أن تصل التجارة الثنائية مع الإمارات بسرعة إلى ملياري دولار سنويا، قبل أن ترتفع في النهاية إلى 6.5 مليار دولار.
كان البلدان –مصر وإسرائيل- في حالة حرب مع بعضهما بعضا أربع مرات في العقود الثلاثة السابقة للاتفاق، وفقدت العائلات المصرية والإسرائيلية أحباءها في القتال. واعتادت الأجهزة العسكرية والأمنية على اعتبار الآخر تهديدا محتملا.
سمحت المعاهدة لكلا البلدين بتأمين المزيد من الدعم المالي من الولايات المتحدة مع إنهاء أي خطر جدي لحدوث حرب أخرى، لكنها لم تحل تماما مسألة انعدام الثقة بينهما.
وطوال فترة المفاوضات وبعد توقيع المعاهدة، عمقت مصر علاقاتها الاقتصادية مع الغرب، وتلقت مبالغ متزايدة من المساعدات والقروض والاستثمارات. وبينما طورت الحكومتان المصرية والإسرائيلية تعاونا أمنيا، لم يكن هناك اهتماما كبيرا ببناء علاقات اقتصادية عميقة.
حاولت الولايات المتحدة معالجة ذلك من خلال إنشاء المناطق الصناعية المؤهلة في مصر عام 2004، والتي سمحت بالوصول المعفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الأمريكية للسلع المنتجة مع ما لا يقل عن 10.5% من المدخلات الإسرائيلية، لكن ناتج المناطق الصناعية المؤهلة لم يصل أبدًا إلى المستويات المتوقعة.
من غير المحتمل أن يضر الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي بالعلاقات الاقتصادية الإسرائيلية المصرية المحدودة. ومثلا لن تتأثر صفقات الغاز الإسرائيلية المصرية، المبنية على منطق القرب الجغرافي وخطوط الأنابيب الحالية.
وعلى الرغم من أن بعض الإسرائيليين سوف يستفيدون من الرحلات الجوية المباشرة إلى دبي وأبو ظبي، إلا أن هذه المدن الضخمة، الباهظة الثمن بحيث لا تمثل تهديدا كبيرا لمنتجعات سيناء.
لكن غياب التاريخ الحربي والتوافق الاقتصادي الأكبر بينهما، سيسمح للإمارات بتطوير علاقة أعمق بكثير مع إسرائيل مما تمكنت مصر من تحقيقه في الأربعين عاما الماضية.
ومن المفيد أيضًا أن الإمارات العربية المتحدة أكثر انفتاحًا على الشركات والاستثمارات الأجنبية. عموما، يحظى سوق الإمارات باستحسان المستثمرين الأجانب بسبب تصنيفها المتقدم بمؤشر البنك الدولي لإنفاذ التعاقدات، حيث تأتي في المرتبة التاسعة.