لماذا هدد ترامب إثيوبيا بأن مصر قد تفجر سد النهضة؟
لماذا هدد ترامب إثيوبيا بأن مصر قد تفجر سد النهضة؟
جاءت تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إثيوبيا بشأن “سد النهضة الإثيوبي” لتلقي حجرا في المياه الراكدة، ليعود الحديث مجددا حول المفاوضات.
تصريحات ترامب التي تناقلتها وسائل الإعلام جاءت في اتصال مع رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك بعد الإعلان عن موافقة السودان على التطبيع مع إسرائيل.
لماذا أطلق ترامب هذا التصريح في هذا التوقيت وعلاقته بالانتخابات الأمريكية وترتيبات الأوضاع الأمنية في المنطقة؟
قال المحلل السياسي وعضو البرلمان المصري السابق، الدكتور سمير غطاس، إن تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإثيوبيا بشأن سد النهضة وإمكانية ضرب مصر للسد تأتي في إطار الترتيبات الأمنية والإقليمية التي يخطط لها في الشرق الأوسط، تلك الترتيبات تقول إنه يسعى لتشكيل ما يسمى “ناتو” شرق أوسطي، تدمج فيه إسرائيل ومصر ودول الخليج والسودان أيضا، وبالتالي هذا النظام أحد أركانه مصر والسودان، اللتان لديهما مشكلة كبيرة مع إثيوبيا بشأن سد النهضة.
وأضاف. نظرا لأن السودان هي الأقرب لإثيوبيا من مصر، بالتالي دعا ترامب الرئيس السوداني أيضا بهذا التصريح المرتبط بزمان ومكان، وكان الكلام موجها للسودانيين في إطار إتفاق التطبيع مع إسرائيل، حيث تقول أحد بنود الاتفاق “يعمل السودان بشكل قريب مع مصر لإنهاء هذه المشكلة”، لذا أنا أعتقد أن هذا يأتي في إطار الترتيبات الإقليمية، وهو تحذير لإثيوبيا بأن تنتهج نهجا أكثر مرونة مع مصر.
وتابع، “قبل عدة أشهر كانت هناك مباحثات في الولايات المتحدة بشأن سد النهضة بحضور الأطراف الثلاثة ولم يوقع الإثيوبيين، وكان رد الفعل الأمريكي بتخفيض جزء من المساعدات الأمريكية، وكان الرد الإثيوبي قوي جدا وأعلنت أنها لن ترضخ، وفي النهاية الأمر كله مرتبط بالانتخابات وهل سيكون ترامب موجودا ليواصل هذه السياسة، أم ستكون هناك سياسة جديدة مع منافسه “جو بايدن”.
وأكد غطاس، أن “تحذير ترامب غير مرتبط بالانتخابات الأمريكية المقررة خلال الأسابيع القادمة لأن الأمريكان لا يتأثرون بما يحدث حولهم من سياسات، هم يصوتون لمن سيعطيهم أو يوفر لهم ويخفف الضرائب، فلا أحد سوف يذهب للتصويت لصالح ترامب لأن قام بعمل سلام بين السودان وإسرائيل، هذا الأمر لا يعني الناخب الأمريكي بأي حال من الأحوال”.
وأوضح المحلل السياسي، أن”هناك مسائل كثيرة يمكن أن تتغير برحيل ترامب عن البيت الأبيض، في الوقت ذاته هناك ثوابت في السياسة الأمريكية لا تتغير بتغير إدارات البيت الأبيض مثل العلاقة مع إسرائيل”.
من جانبه، قال السفير عزت سعد، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، إن تحذير ترامب لإثيوبيا بشأن ضرب مصر لسد النهضة، هو رأي شخصي لترامب يتحمل مسؤوليته، وأي تصريحات في هذا التوقيت للرئيس الأمريكي يجب قرائتها في الإطار الأوسع لحملته الانتخابية.
وأضاف. واضح أن هذا الأمر ضمن سياساته الخارجية، لأن الأجندة الداخلية التي تهم الناخب الأمريكي لم يحالفه الحظ بها، والمكاسب الاقتصادية التي حققها خلال العامين الأولين من ولايته أطاحت بها جائحة كورونا.
وأكد سعد، أن “الضغوط الخارجية التي مارسها من أجل التطبيع ودمج إسرائيل في المنطقة لن تعوضه ما خسره في الداخل، مشيرا إلى أن تصريحات ترامب لا تخدم السودان ومصر في قضية السد، لأنها تغذي تعنت الجانب الإثيوبي وتعطي ذريعة لهم لتقديم أنفسهم للعالم بأنهم ضحايا وتعيدنا من جديد لعام 2012 عندما أثيرت قضية ضرب السد”.
أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن مصر قد تُقدم على “تفجير سد النهضة” بحال عدم حل القضايا العالقة حوله، وذلك باتصال هاتفي مع رئيس وزراء السودان، عبدالله حمدوك، بعد توصل الخرطوم لاتفاق تطبيع للعلاقات مع إسرائيل.
وقال ترامب في الاتصال الذي أجراه الجمعة الماضية: “لقد قدمت لهم عرضا لكنهم خرقوه، ولا يمكنهم فعل ذلك، لذلك فالعرض انتهى والوضع خطير لأن مصر لا يمكنها العيش بهذا الشكل، وسينتهي الأمر بهم بتفجير السد، سيقدمون على ذلك، وعليهم أن يقوموا بشيء ما”، حسب قوله.
كما أشار إلى أنه سيوقف الدعم المادي لإثيوبيا، إذا أخلت أديس أبابا باتفاق تم التفاوض عليه لمدة 5 سنوات، وطالب حمدوك بالضغط على إثيوبيا لإعادة الالتزام بالاتفاق.
ووجه ترامب اللوم لمصر على سماحها ببناء السد من الأساس، لكنه وجد لها عذرا كونها كانت تمر بما وصفها بـ”الثورة الصغيرة”، على حد تعبيره.
من جانبها، أكدت إثيوبيا رفضها لما وصفته بـ”التهديدات العدائية” مشددة على التزامها بمواصلة بناء سد النهضة والجهوزية للرد على كل اعتداء يمس سيادتها، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حول إمكانية “تفجير مصر للسد”.
ونشر مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بيانا أكد فيه أن التزام إثيوبيا بمواصلة بناء السد، وذلك خدمة لتطلعات شعبها ومصالحها العليا.
وأشار البيان إلى أن إثيوبيا، وبالتوازي مع مواصلة عملية بناء السد، ستعمل على إيجاد حل للقضية المتنازع عليها، على أسس الثقة المتبادلة والاستغلال العادل والمنطقي لموارد النيل.
ونوهت أديس أبابا إلى قدرة الاتحاد الأفريقي على حل مشاكله بمفرده، مستشهدة بمفاوضاتها مع دولتي المصب، ومؤكدة رفضها لـ”التهديدات العدوانية” الرامية لإخضاعها لشروط غير عادلة في قضية “سد النهضة”.
ووصفت أديس أبابا هذه التهديدات التي اعتبرت أنها تمس سيادتها بالـ”خاطئة، وغير البناءة والخرق للقانون الدولي”، وفقا للبيان.
وأكدت إثيوبيا جاهزية شعبها للدفاع عن سيادتها وحماية مخططات الدولة للازدهار، مشددة على أنها لن تقف صامتة أمام “التهديدات الاستعمارية”، حسبما ذكر البيان.
وتختلف القاهرة وأديس أبابا على آلية ملء وتشغيل سد النهضة، إذ تعتبر مصر أن الخطة الإثيوبية بهذا الصدد ستؤثر بشكل كبير على حصتها من مياه النيل، في الوقت الذي تصر فيه إثيوبيا على خطتها.