يحيى حفيد على بن أبى طالب يخرج على هارون الرشيد.. ما يقوله التراث الإسلامى
يحيى حفيد على بن أبى طالب يخرج على هارون الرشيد.. ما يقوله التراث الإسلامى
وقعت فى سنة 176 هجرية بعض الأحداث المهمة فى التاريخ الإسلامى منها خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب ضد هارون الرشيد، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان “ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائة”:
فيها: كان ظهور يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب ببلاد الديلم، واتبعه خلق كثير وجم غفير، وقويت شوكته، وارتحل إليه الناس من الكور والأمصار، فانزعج لذلك الرشيد وقلق من أمره، فندب إليه الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك فى خمسين ألفا، وولاه كور الجبل والرى وجرجان وطبرستان وقومس وغير ذلك.
فسار الفضل بن يحيى إلى تلك الناحية فى أبهة عظيمة، وكُتُب الرشيد تلحقه مع البرد فى كل منزلة، وأنواع التحف والبر، وكَاتَب الرشيد صاحب الديلم ووعده بألف ألف درهم إن هو سهل خروج يحيى إليهم، وكتب الفضل إلى يحيى بن عبد الله يعده ويمنيه ويؤمله ويرجيه، وأنه إن خرج إليه أن يقيم له العذر عند الرشيد.
فامتنع يحيى أن يخرج إليهم حتى يكتب له الرشيد كتاب أمان بيده.
فكتب الفضل إلى الرشيد بذلك ففرح الرشيد ووقع منه موقعا عظيما.
وكتب الأمان بيده وأشهد عليه القضاة والفقهاء ومشيخة بنى هاشم، منهم: عبد الصمد بن علي، وبعث الأمان وأرسل معه جوائز وتحفا كثيرةً إليهم، ليدفعوا ذلك جميعه إليه.
ففعلوا وسلمه إليه فدخلوا به بغداد، وتلقاه الرشيد وأكرمه وأجزل له فى العطاء، وخدمه آل برمك خدمة عظيمة، بحيث أن يحيى بن خالد كان يقول: خدمته بنفسى وولدي.
وعظم الفضل عند الرشيد جدا بهذه الفعلة حيث سعى بالصلح بين العباسيين والفاطميين.
قالوا: ثم إن الرشيد تنكر ليحيى بن عبد الله بن حسن وتغير عليه، ويقال: إنه سجنه ثم استحضره وعنده جماعات من الهاشميين، وأحضر الأمان الذى بعث به إليه فسأل الرشيد محمد بن الحسن عن الأمان: أصحيح هو؟
قال: نعم !
فتغيظ الرشيد عليه.وقال أبو البختري: ليس هذا الأمان بشيء فأحكم فيه بما شئت، ومزق الأمان.
وبصق فيه أبو البختري، وأقبل الرشيد على يحيى بن عبد الله فقال: هيه هيه، وهو يبتسم تبسم الغضب، وقال: إن الناس يزعمون أنا سممناك.
فقال يحيى: يا أمير المؤمنين ! إن لنا قرابة ورحما وحقا، فعلام تعذبنى وتحبسني؟
فرق له الرشيد، فاعترض بكار بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير فقال: يا أمير المؤمنين ! لا يغرنك هذا الكلام من هذا، فإنه عاص شاق، وإنما هذا منه مكر وخبث، وقد أفسد علينا مدينتنا وأظهر فيها العصيان.
فقال له يحيى: ومن أنتم عافاكم الله؟ وإنما هاجر أبوك إلى المدينة بآبائى وآباء هذا.
ثم قال يحيى: يا أمير المؤمنين ! لقد جاءنى هذا حين قتل أخى محمد بن عبد الله فقال: لعن الله قاتله، وأنشدنى فيه نحوا من عشرين بيتا، وقال لي: إن تحركت إلى هذا الأمر فأنا من يبايعك، وما يمنعك أن تلحق بالبصرة وأيدينا معك؟
قال: فتغير وجه الرشيد ووجه الزبيرى وأنكر وشرع يحلف بالأيمان المغلظة إنه لكاذب فى ذلك، وتحير الرشيد.
ثم قال ليحيى: أتحفظ شيئا من المرثية؟
قال: نعم. وأنشده منها جانبا.
فازداد الزبيرى فى الإنكار، فقال له يحيى بن عبد الله: فقل: إن كنت كاذبا فقد برئت من حول الله وقوته، ووكلنى الله إلى حولى وقوتي.
فامتنع من الحلف بذلك، فعزم عليه الرشيد وتغيظ عليه، فحلف بذلك فما كان إلا أن خرج من عند الرشيد فرماه الله بالفالج فمات من ساعته.
ويقال: إن امرأته غمت وجهه بمخدة فقتله الله.
ثم إن الرشيد أطلق يحيى بن عبد الله وأطلق له مائة ألف دينار، ويقال: إنما حبسه بعض يوم، وقيل: ثلاثة أيام.
وكان جملة ما وصله من المال من الرشيد أربعمائة ألف دينار من بيت المال، وعاش بعد ذلك كله شهرا واحدا ثم مات رحمه الله.وفيها: وقعت فتنة عظيمة بالشام بين الننزارية وهم: قيس، واليمانية وهم: يمن، وهذا كان أول بدو أمر العشيرتين بحوران، وهم: قيس ويمن، أعادوا ما كانوا عليه فى الجاهلية فى هذا الآن، وقتل منهم فى هذه السنة بشر كثير.
وكان على نيابة الشام كلها من جهة الرشيد ابن عمه موسى بن عيسى، وقيل: عبد الصمد بن علي، فالله أعلم.
وكان على نيابة دمشق بخصوصها سندى بن سهل أحد موالى جعفر المنصور، وقد هدم سور دمشق حين ثارت الفتنة خوفا من أن يتغلب عليها أبو الهيذام المزى رأس القيسية، وقد كان مزى هذا دميم الخلق.
قال الجاحظ: وكان لا يحلف المكارى ولا الملاح ولا الحائك، ويقول: القول قولهم، ويستخير الله فى الحمال ومعلم الكتاب.
وقد توفى سنة أربع ومائتين.
فلما تفاقم الأمر بعث الرشيد من جهته موسى بن يحيى بن خالد ومعه جماعة من القواد ورؤوس الكتاب، فأصلحوا بين الناس وهدأت الفتنة واستقام أمر الرعية، وحملوا جماعات من رؤوس الفتنة إلى الرشيد فرد أمرهم إلى يحيى بن خالد فعفا عنهم وأطلقهم.