حالة من الجدل أثارها أعداء الحضارة المصرية القديمة من معتنقي الفكر المتشدد والحاقدين على مصر، والذين هاجموا الحضارة المصرية، واتهموا المصريين القدماء بالكفر، وأنه لا يجوز الاحتفال بهم ولا بتراثهم، وذلك بعد الاحتفال بموكب المومياوات الملكية الذي لفت أنظار العالم أجمع ونال إعجابهم.
هذه الفتاوى التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رد عليها بعض علماء الدين من الأزهر الشريف وغيرهم، وتحدثوا عن الجانب الديني في حياة الفراعنة، وهو ما نرصده في التقرير التالي.
كريمة: كان بينهم أنبياء ومنهم النبي إدريس
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، أكد أنه لم يأمر أي نبي أو رسول بتحطيم آثار قوم عاد وثمود وقوم صالح، لافتًا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مر بمدائن صالح أكثر من مرة ولم يأمر بتحطيمها، وكذلك الصحابة الكرام، والذين فهموا أن هذه أثار يُحافظ عليها للاعتبار.
وكشف «كريمة» أن الصحابة رضوان الله عليهم، شاهدوا أبوالهول وذهبوا لمعبد الكرنك وشاهدوا الأقصر وآثار الجيزة ودهشور وسقارة، ولم يثبت أن أي صحابي أمر بتحطيم تمثال أو إزالة أثر من الحضارة القديمة، لافتًا أن الصحابة كانوا يفقهوا معنى الصنم والأثر الذي يبرز الفن الجميل، مشددًا على أن هذا الفقه يفتقده أهل الجهالة من المتسلفة ومن على شاكلتهم على حد تعبيره.
وأكد أستاذ الفقه المقارن، أن الفراعنة لم يدّعوا أنهم آلهة، وهناك استثناء واحد فقط، وهو فرعون موسى، لافتًا أنه شهد لله بالوحدانية عند غرغرته ولكن لم يُقبل، موضحا أن أخناتون نادى بالتوحيد، مطالبًا المواطنين بقراءة تاريخ الفراعنة.
وأشار أن الفراعنة كانوا يؤمنوا بوجود الإله، وكانوا يناجوا الله الواحد العظيم في بردياتهم، مضيفًا «سيدنا إدريس كان من المصريين القدماء وهو أول ما اشتغل بالفلك وأول من خاط الثياب وله أولويات»، لافتًا أن سيدنا إدريس هو أخنوخ في العهدين القديم والجديد لدى أهل الكتاب.
وشدد على أن حقبة المصريين القدماء كانوا يعرفون أن هناك يوم حساب وكانوا يتركوا ملابس وحلي ومتعليقات شخصية للميت لأنه سيرتديها أمام محكمة الله موجهًا رسالة للمرجفين «مدائن صالح مر بها النبي أكثر من مرة وهو متجه للشام ولم يأمر بتحطيمها وكذلك الصحابة» لافتًا أنها موجودة حتى الأن.
وتابع، «مصر لها أن تفخر بحضارتها التي لا مثيل لها في العالم»، مثنيًا على المسؤولين المصريين لاهتمامهم بالآثار التي اعتبرها ذاكرة الأمة المصرية.
الجندي: الفراعنة كان بينهم أولياء الله
وفي ذات السياق، أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الكثير من الشباب في مصر، لا يعلمون أي أسمًا من أسماء عظمائنا من المصريين القدماء، ولا يعرفون أيًا من ملوكنا العظماء، بل للأسف الشديد، البعض يرى أن كلمة فراعنة تعني كفرة، رغم أن ما وصف في الكفر من الفراعنة، كان فرعون فقط.
واستشهد «الجندي» بقول الله تعالى: «وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ».
وتابع: «يعني اللي بيقول على الفراعنة كفرة، مسمعش عن الراجل المؤمن ده، بيزعلني جدَا إني أسمع حد يقول على أجدادي الفراعنة أنهم كفرة، بتشنج جدا لما حد يقول الفراعنة دول كفار، كانوا زيينا، فيه مؤمنين وفيه غير مؤمنين اللي هما كفار وفيهم أولياء الله، كما أن أي عصر لا يخلوا من وجود مؤمنين وغير مؤمنين».
وأردف أن السيدة آسيا امرأة فرعون، تعد سيدة نساء العالمين بعد مريم ابنة عمران، وكانت من الأسرة الفرعونية، «برضو لما السحرة قالوا آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون، اتعذبوا عذاب شديد ولم يتخلوا عن إيمانهم، الفراعنة لم يتركوا قصر ولا شاليه تركوا فقط معابد وقبور».