ساعد التدخل العسكري التركي في الصراع الليبي ودعم ميليشيات حكومة الوفاق في العاصمة الليبية طرابلس، على تنامي الأطماع التركية في المنطقة، بحثاً عن النفوذ الاستراتيجي والاقتصادي في البحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط، وحتى القارة الأفريقية.
حذرت تقارير دولية من استفحال أنشطة الجماعات الإرهابية في دول الساحل وجنوب الصحراء في أفريقيا، بسبب استمرار الحرب في ليبيا، والدعم التركي المستمر لميليشيات طرابلس وجنوب ليبيا والصومال، فضلا عن التنظيمات في تشاد والنيجر ومالي، وصولاً إلى بوكو حرام في نيجيريا.
من المتوسط إلى الأطلسي
أن الانتقادات لم تمنع تركيا من الاستمرار في نقل الأسلحة والمرتزقة إلى شمال أفريقيا التي تشهد تصاعداً لتحركات التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالإخوان، أو القاعدة، أو داعش، وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
و يحاول أردوغان توسيع نفوذه في أفريقيا بدعم مجموعات متطرفة موالية له من جهة، وبمساعدات إنسانية، أو مشاريع واستثمارات للسيطرة على دول مثل الصومال، من جهة أخرى، طمعاً في تعزيز الحضور والنفوذ التركي في القارة الأفريقية، وصولاً إلى المحيط الأطلسي، لتمتد خريطة الأطماع التركية من ليبيا إلى الواجهة الأطلسية في شمال أفريقيا، انتهاءً بالمغرب وموريتانيا.
عدوان وأطماع
وتصاعد العدوان السافر التركي على ليبيا، التي بلغت ذروة جديدة في الفترة القليلة الماضية.
وأن الموقف العربي الذي أعرب عنه بيان وزراء الخارجية العرب، الرافض للدور التركي في المنطقة، مع استثاءات قليلة، يؤكد الوعي بحقيقة الدور التركي، وأن أطماع تركيا لن تقف عند ليبيا فحسب، وأنها لا تقل خطورة على دول إقليمية أخرى.
،وأن التحركات التركية في ليبيا، تكشف طمعها الصريح والواضح في ثروات الليبيين من النفط والغاز، التي وظفت للسيطرة عليها، المرتزقة والسلاح، لدعم ميليشيا الوفاق، فقط لإشعال ليبيا للفوز بما تسعى إليه، ولو كان ذلك على حساب الليبيين أنفسهم ودول الجوار الليبي.
البلد البديل
إن تركيا لا ترى في ليبيا، أكثر من بلد بديل للإخوان الذين ترعاهم أنقرة، وإلى جانب النفط، تتمسك تركيا بليبيا، لأنه البلد الوحيد الذي يمكنه دعم أنشطتها على الدوحة، وحدها في المنطقة، لتحقيق أهدافها.
وبالسيطرة على ليبيا، يمكن لتركيا، التي خسرت السودان منذ عام، أن تحول أرضاً مجاورة لمصر وللسودان، إلى منطلق للجماعات المناوئة للنظامين في القاهرة والخرطوم “ويبدو الهدف هو جعل ليبيا البلد البديل لجماعة الإخوان المصرية، تكون حاضناً ومقراً لها، والوفاق مجرد حكومة ديكور لها”. ويضيف أنه لا يجب أن الأمر يهدف إلى “تحويل ليبيا ملحقاً لتركيا ووطناً بديلاً للإخوان، والمعارضة المصرية المقيمة حالياً في إسطنبول، حيث نعرف أن المعارضة فشلت في اختراق مصر، وفشلت في تحريك الشارع ضد الدولة” المصرية.
حروب بالوكالة
وإن ليبيا اليوم، أصبحت مثل لبنان سابقاً أرض حروب بالوكالة،
و أن معركة سرت المنتظرة، ستكشف حقيقة التدخلات الأجنبية في ليبيا بشكل أوضح، إذ تعد سرت “عند الجميع خطاً أحمراً ومفصلاً استراتيجياً، فهي في نظر خبراء عسكريين مفتاح السيطرة على ليبيا كلها، لأنها نقطة التقاء المناطق الليبية شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً، وعلى أراضيها أكبر مخزون للنفط، وبمحاذاتها موانئ وآبار البترول”.
أن تركيا غير مستعدة للتخلي عن مشروعها في ليبيا، بدعم حكومة الوفاق، لا تطهراً أو كما يقال لـ “سواد عيون” الحلفاء، وإنما طمعاً وأملاً في حصة الأسد من عقود إعادة الإعمار”.
أصبحت “ليبيا على صفيح ساخن، والجيوش الإقليمية والدولية، والميليشيات والمرتزقة، وأجهزة الاستخبارات تتصارع على أرضها، وتُحول القادة الليبيين بغض النظر عن أسمائهم وانتماءاتهم، وتوجهاتهم وتحالفاتهم إلى دمىً تُحرك ويُلعب بها بخيوط خلف أضواء المسرح”.